موضوع: خطبة الجمعة: رمضان موسم الطاعات والخيرات الجمعة يونيو 08, 2012 2:58 pm
الحمد لله الذي بلغنا رمضان، شهر الرحمة والغفران، شهر الجود والإحسان، نحمده سبحانه على نعمائه وآلائه، ونثني عليه بما هو أهله، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شىء قدير، أعاننا على الصيام وقوانا على القيام، وهدانا بالقرآن، ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، أجود الناس كفا، وأكثرهم رحمة وعطفا، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى القائل في كتابه( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)
أيها الصائمون: لقد أنعم الله عز وجل علينا بإدراك شهر رمضان، موسم الخير والإحسان، فرض فيه الصيام وندب فيه تلاوة القرآن والصدقة والقيام، ليغفر لنا فيه المولى تبارك وتعالى ما تقدم من الذنوب والآثام، ويهذب نفوسنا ويعودها على امتثال الطاعات، حتى ترتقي إلى أعلى الدرجات، وأعظم ما في هذا الشهر مكانة ومنزلة هو الصيام، قال صلى الله عليه وسلم:« كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي».
فالصوم يا عباد الله يغرس في الإنسان مراقبة الله تعالى في السر والعلن، والصبر على الطاعات، وملازمة حسن الخلق والقول الحسن، واجتناب ما حرم الله عز وجل.
عباد الله: رمضان شهر التراويح والقيام، فلقد ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان صلاة القيام طلبا للمغفرة وزيادة في الأجر والثواب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
فقيام الليل هو شرف المؤمنين ودأب الصالحين، وأنس العابدين، وهو من أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله من الأعمال الصالحة، فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:« عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات ومنهاة للإثم».
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على قيام الليل ولا يدعه، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: عليكم بقيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، فإن مرض قرأ وهو قاعد.
أيها الصائمون: رمضان شهر القرآن، قال الله تعالى( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)
فعلى الصائم أن يغتنم وقته في تلاوة القرآن الكريم، ليرقى في درجات الجنان، ويفوز برضوان المنان، وينبغي على قارئ القرآن أن يحرص على تدبر آياته وفهم معانيه والاستفادة من حكمه وعظاته، فالقرآن خير شاهد وشافع للصائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أى رب منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيشفعان».
أيها المسلمون: رمضان موسم الجود والإنفاق، فلقد دعانا الإسلام إلى البذل والعطاء، وخاصة في رمضان، حيث يزيد فيه أجر الصدقات، وتكثر البركات، وتحل الرحمات، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
فيا فوز من صام، وأحيا ليله بالقيام، وعمر وقته بتلاوة القرآن، وقلبه بالإيمان، وجاد من ماله بالصدقات، لإدخال السرور على الفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات، فذلك من أعظم القربات وأجل الطاعات.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لطاعته وطاعة من أمرنا بطاعته, عملا بقوله( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: إن أعظم الإنفاق فضلا، وأعلاه مكانة وأجرا إخراج زكاة المال، لأنها فريضة فرضها الله تعالى على الأغنياء، وجعلها حقا للمساكين والفقراء, وهي فرض على كل من يملك نصابا في ثلاثة أنواع:
النوع الأول: زكاة الذهب والفضة وما يتصل بهما من نقد وعروض للتجارة، فنصابها قيمة 85 جرام من الذهب وتساوي ستة عشر ألف درهم تقريبا، يخرج منها اثنين ونصفا في المائة بعد مرور عام هجري كامل.
النوع الثاني: زكاة الأنعام والمواشي، فتجب على كل من ملك خمسا من الإبل، أو ثلاثين رأسا من البقر، أو أربعين شاة من الغنم، ويراجع في تفاصيلها أهل العلم في المركز الرسمي للإفتاء.
النوع الثالث: زكاة القوت من الحبوب والثمار، فنصابها خمسة أوسق وتقدر بستمائة كيلو جرام تقريبا، فما سقي منها بماء المطر ففيه عشرة في المائة، وما سقي بالآبار والآلات ففيه خمسة في المائة، ويتم إخراجها يوم حصادها، قال الله تعالى( وآتوا حقه يوم حصاده)
ويجوز للمسلم أن يخرج الزكاة بنفسه، أو أن يوكل بها الثقات من الجهات الرسمية المعتمدة كصندوق الزكاة والهلال الأحمر.
عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالى(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا»
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر، اللهم إنا نسألك الفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون)