موضوع: الطحالب البحرية.........................الجزء التالث الثلاثاء مارس 06, 2012 4:57 am
سوق متنام من الألوان والأنواع الطحالب البحرية تصنفها كثير من المصادر مجازاً كنباتات بدائية، لكنها تشدد على أنها غير عشب البحر، وهذا أمر يطول شرحه ولا مجال للاستطراد فيه هنا. وكأنواع، فإن تحت سطح ماء البحر وعلى شواطئه 6000 نوع من الطحالب الحمراء اللون، و1200 من النوع الأخضر. وبرغم أن هناك 2000 نوع من البني اللون، إلا أنها تمثل كمية غالب ما في البحر من طحالب. وقد تُوجد الطحالب في أعماق تصل الى 250 متراً، إلا أن أكثرها ينمو في المياه الضحلة أو بين الصخور نظراً الى حاجتها الماسة لضوء الشمس. وتتفاوت أحجامها بين ما طوله بضعة سنتيمترات الى 70 متراً. وأكثر الأنواع شيوعاً ولذة أيضاً لمن قارن بين طعمها هو نوع «نوري»، ذو اللون البنفسجي الغامق، الذي يتحول الى لون أخضر فسفوري لدى الطهي كما في لفائف السوشي اليابانية. ونوع «كيلب» الأخضر الغامق، والذي يسميه البعض رماد البحر لأن المجفف والمبشور منه يُستخدم كإضافة الى الطعام بدل الملح، وتعطي الطعام نكهة عبق البحر. ونوع «واكامي» المستخدم في إعداد شوربة ميسو اليابانية المميزة الطعم. والأصل أن بالرغم من وجود أنواع كثيرة من الطحالب البحرية إلا أنه لا يُعرف أن هناك أنواعاً سامة أو ضارة منها كما يقول الباحثون من الجامعة القومية بآيرلندا، كما أن من غير المعروف أن تناولها يسبب أي نوع من الحساسية في الجسم.
وتوسع في الآونة الأخيرة حجم السوق العالمي للطحالب البحرية بشكل مطرد. وانتشرت مزارع إنتاجها حتى في دول أميركا الشمالية وأوروبا، والسبب أن استخراجها من البحر عفوياً ومباشرة لم يعد كافياً لتأمين حاجة الأسواق، ففي عقد التسعينات تجاوز حجم إنتاج السوق العالمي 9.6 مليون طن سنوياً، تنتج اليابان منه حوالي 10%، ويُدر عليها لذلك أكثر من بليون دولار سنوياً. لكن المصادر الفرنسية والآيرلندية تتحدث مؤخراً عن وصول الإنتاج العالمي الى حدود 5.9 مليون طن سنوياً، أي أن الارتفاع قارب 40% خلال عقد واحد. وبالمناسبة فإن الاهتمام الآيرلندي بالأمر سبق بقية الدول الأوروبية بأزمنة طويلة لأن تناول النباتات البحرية جزء من تراثها، ولدى الجامعة القومية الآيرلندية في غالوي مركز متخصص في أبحاثها.
* ذهب بلاد الشرق .. فيوكودان الطحالب البحرية تشتهر مملكة تونغا لدى الكثيرين بأنها من أوائل دول العالم التي تبدأ السنة الجديدة فيها، نظراً لموقعها الممعن بعدا في شرق العالم ضمن مناطق شرق نيوزيلندا وجزر فيجي. لكن هذا ليس هو أول شيء يسبق فيه سكان هذه المملكة من الجزر المتناثرة بقية سكان العالم، إذْ اكتشف العالم منذ أن وطئت أقدام كابتن كوك أرضها في عام 1777 أن سكان هذه الجزر النائية قد سبقوهم الى نوع مميز من الطحالب البحرية يُدعى ليمو موي، وهو السر وراء طول أعمارهم وتمتعهم بالصحة الجيدة كما يرى الكثيرون فيها ذلك. ولقد دلت دراسات العلماء أن هذا النوع من الطحالب البحرية غني بالأملاح والمعادن والفيتامينات المهمة للجسم، إضافة الى البروتينات والسكريات العديدة التي ترفع من مستوى مناعة الجسم وتقلل فرصة الإصابة بالسرطان. لكن تظل مادة فيوكودان هي الأبرز من ناحية الشهرة بالنظر الى الدراسات التي احتضنتها اليابان أولاً ومراكز البحث في أميركا وأوروبا لاحقاً. وتشكل هذه المادة نسبة 4% من مجفف هذا النوع من الطحالب، الذي يفوق تركيزها فيه أياً من أنواع الطحالب البنية الأخرى. وفيوكودان عبارة عن سكريات عديدة كبريتية ذات تركيب معقد، وتشمل نوعين، نوع يو U-fucoidanو نوع أف F-fucoidan . ولعل الذي فتح الباب على مصراعيه هو الدراسات اليابانية في عام 2000، والتي جرت في مختبرات تكارا لأبحاث الكيمياء الحيوية، والتي أشارت الى قدرة هذه المادة على وقف النمو للخلايا السرطانية ودفعها نحو قتل نفسها بنفسها، أو ما يعرف بعملية التخلص الذاتي.
وبالجملة فإن الدراسات من اليابان والولايات المتحدة والأرجنتين والسويد وكندا وأسبانيا تشير الى قدرة هذه المادة على وقف النمو السرطاني، وتنشيط خلايا جهاز مناعة الجسم، ومنع الإصابة بالأمراض الفيروسية خاصة الهربيس، وتخفيف حدة تفاعل الجسم مع المواد المسببة للحساسية، ووقف تدهور ترسيب الكولسترول في الشرايين وحالات ألزهايمر، وتطور مراحل شيخوخة خلايا الجسم، وتعديل ارتفاع سكر الدم. وآخرها في شهر مارس الحالي ما أعلنه الباحثون من فرنسا أن لهذه المادة قدرة قوية على تنظيم إفرازات الأنسجة الليفية الضامة في تفاعلات التئام الجروح داخل وعلى جلد الجسم. وفي نفس الشهر أيضاً اتخذ الباحثون الألمان من هذه المادة حكماً إيجابياً في تقييم قدرة السكريات العديدة في حليب الأم على تحفيز مناعة الجسم عند متابعة القضاء على الميكروبات. لكن الدراسات الأبرز للفرنسيين كانت حول فائدة مادة فيوكودان إما منفردة أو بإضافتها الى عقار هيبارين المسيل للدم، وذلك في منع عودة سد الشريان التاجي بعد توسيعه بالبالون أثناء القسطرة. ودراسة جامعة ريوكاوس في إيكيناوا باليابان في ديسمبر الماضي حول تأثير هذه المادة في حالات لوكيميا الخلايا الليمفاوية، التي يقول الباحثون أنها مادة واعدة لعلاج هذا النوع من السرطان. والحقيقة أن الأبحاث وكثرتها، والتي وصلت الآن إلى مرحلة متقدمة عبر دراسة تأثيرات استخدامات دقيقة لها كمادة علاجية، تثير في ذهن الإنسان استغراباً لعدم وضع الكثيرين هذه الطحالب البحرية ضمن وجباتنا من آن لآخر على أقل تقدير.
Admin Admin
المساهمات : 638 تاريخ التسجيل : 01/03/2012
موضوع: رد: الطحالب البحرية.........................الجزء التالث الثلاثاء مارس 06, 2012 4:58 am